حمى البحر الأبيض المتوسط

كلنا نعرف "الطرب" فهو عبارة عن لحم مفروم داخل هذا الجسم المسمى بالمنديل والمنديل هو ذلك الغشاء الذي يغلف الأعضاء الموجودة في البطن والذي نسميه الغشاء "البريتوني" أو "البريتون" وهو معرض للالتهابات فقد يحدث التهاب صديدي بعد انفجار الزائدة مثلاً أو حدوث ثقب بالمعدة أو طعنة بسكين في جدار البطن وهناك الالتهاب البارد الذي ينتج عن ميكروب السل ويعتمد على الجراحة أولاً ثم الدواء ثانياً وهناك نوع ثالث من الالتهابات هو "التهاب حساس" وهو مرض غريب لا يظهر إلا بين الشعوب المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط  وعند ظهوره ترتفع درجة حرارة الجسم ومن هنا أطلق عليه اسم " حمى البحر الأبيض المتوسط" والغشاء البريتوني حساس جداً وسطح هذا الغشاء واسع فهو يغطي تجويف البطن كما يغلف الأحشاء الموجودة بها أيضاً وفي حالة المرض بهذه الحمى نجد أن الالتهاب الذي يصيب هذا الغشاء يكون من النوع الجاف "التهاب جاف".
ويصيب هذا المرض الأطفال عن طريق الوالدين " إذا كان كل منهما يحمل العلامة الوراثية (الجين) لهذا المرض وتظهر أعراضه على الطفل بعد ولادته بستة أشهر تقريباً ويكون على هيئة فقر شديد في الدم مصحوب بصفرة وخضرة في الوجه وضعف شديد مع خفقان وتضخم كبير في الطحال والكبد وذلك نتيجة لتكسير كرات الدم الحمراء التي تقصر دورة حياتها من (210) أيام إلى (20:30) يوماً وهذا هو السبب في فقر الدم لعدم قدرة نخاع العظام على تكون كرات حمراء بديلة فتنخفض نسبة الهيموجلوبين.
وإذا وجدنا هذا المرض في أحد الإخوة أو الأخوات فاحتمال حدوثه في باقي الإخوة يكون بنسبة 25% مرضي ، 50% حاملين للعلامة الوراثية ويعانون من فقر دم خفيف 25% غير مرضى
وفي أغلب الحالات تكون الإصابة في الغشاء البريتوني ولكن في باقي الحالات يدخل الغشاء البللوري في المجال
ويظهر المرض في نوبات حيث تستمر النوبة من ثلاثة إلى أربعة أيام أو قد تقصر مدتها إلى يوم أو يومين وفي نفس الوقت قد تطول إلى أسبوع كامل ، وطول فترة النوبة يتفاوت من مريض إلى آخر بل في نفس المريض حيث تتكرر النوبة بعد أسابيع أو بعد شهور أو حتى كل سنة أو أكثر وقد لاحظنا أن الهدنة بين النوبات تطول أو تقل كلما تقدم المريض في العمر ، والنوبة قد تكون نتيجة انفعال (امتحان مثلاً) وتحدث غالباً بين المرضي مرهفي الحس وهكذا لا تختلف الحالة عن باقي حالات الحساسية التي أصبح الارتباط بينها وبين الحالة النفسية للمريض حقيقة واقعية علمية .
والشئ المميز لهذا المرض أنه لا يترك بصماته لا في البطن ولا في الصدر بعد انتهاء حملته عليها ففي فترة ما بين النوبات لا يشكو المريض من شئ والعلاج الوقائي لهذا المرض هو عدم زواج الأقارب فإذا فرض وظهرت حالة بين أحد الأبناء أو البنات فلا داعي لإنجاب أبناء جدد يكون احتمال إصابتهم كبيرة.
أعراض المرض :
 ألم في البطن مصحوب بقئ وإمساك مع الإحساس بوجود غازات لا يقوى المريض على طردها وإرهاق عام وارتفاع في درجة
الحرارة (درجتين أو أكثر) تحجر في جدار البطن وذلك نتيجة لانقباض العضلات لتحمي الغشاء الملتهب تحتها وإذا اضطر المريض إلى مغادرة فراشه فإن التحجر والألم يزداد بالحركة بحيث يمشي بكل حرص منحنياً إلى الأمام سانداً بطنه بيده ، والألم أو التحجر قد يكون منتشراً في كل البطن أو مركزاً في ركن من أركانه الأربعة :
يمين فوق: حيث يوجد الكبد والمرارة والكلى اليمنى
يمين تحت : حيث توجد الزائدة الدودية والحالب الأيمن والمبيض الأيمن
شمال فوق: حيث توجد المعدة والكلى اليسرى والقولون الطحالي.
شمال تحت : حيث يوجد القولون والحالب الأيسر والمبيض الأيسر
ولكن ماذا يحدث عندما تصيب هذه الحالة الغشاء البللوري المحيط بالرئة؟
هنا يشعر المريض بألم حاد بأحد جانبي الصدر ويزداد الألم مع التنفس العميق ومع الكحة ومع حركة الذراع وعموماً فإن أعراض حساسية الغشاء البللوري تختلف عن أي من الالتهاب البللوري الجاف.
كيف يمكن تشخيص المرض؟
إن المعتاد أن نظلم أجزاء مختلفة من الجسم ونحملها المسئولية بل قد يصل الأمر إلى إجراء جراحة يتم فيها استئصال أحد هذه الأجزاء ، فالمرض بلا علامات تميزه ولا تفيد في تشخيصه التحاليل أو الأشعة (!!!).
ولكن فرص اكتشافه تزيد إذا زادت معرفة الناس به فهناك هذه العلامات:
ــ تكرار النوبات على فترات متقاربة
ــ إذا كان المريض في فترة ما بين النوبات لا يشكو من شئ.
ــ إذا كان مكان الألم والتحجر متغيراً بين نوبة وأخرى.
ــ إذا كانت حالة المريض العامة طيبة نسبياً رغم وجود علامات التهاب بريتوني.
ما هي التوقعات لمريض حمى البحر الأبيض المتوسط؟
بداية هذا المرض حميد! ، فهو لا يكون مصدر خطر على حياة المريض كان أن شدته تخف تدريجياً مع تقدم المريض في العمر بحيث تقل شدة النوبات وتتباعد عن بعضها.
ماذا يطلب من المرضى؟
بداية بعدم الاستسلام للمرض أثناء النوبة إذ على المريض أن يستعين بالمسكنات بكمية وافرة يصفها الطبيب وعليهم أن يعرفوا أن حالات استطاع فيها المرضى بقوة الإرادة ومساعدة المسكنات أن يتحركوا خلال النوبات بل يغادروا المنزل، ولا خطورة في ذلك فإن أغلب مرضى أرتكاريا الجلد لا يحسون بالحاجة إلى الراحة في الفراش والمرض كما قلنا مجازاً هو أرتكاريا بالبريتون.
وينصح المرضى بعدم انتظار النوبات في الظروف الحرجة فهناك عند بعض المرضى ارتباط إيحائي بحدوث النوبة
أما العلاج الدوائي فيجب عدم الاعتماد على أدوية الحساسية فقد ثبت أنها لا تؤثر وإن كانت الأدوية المهدئة لها تأثير مفيد وهذا بجانب بعض الأدوية الأخرى التي جاءت بنتائج طيبة.

التالي