المغص المراري

إن إصابة الإنسان بالمغص هو أمر عادي وقلما يهرب منه فهو يزوره مرة أو مرات في حياته والمغص يدل على محاولة العضو المصابة التخلص مما يحتوي أو هو تعبير عن وجود تهيج في جدار المكان المصاب مثل المعدة أو الأمعاء والإحساس بالمغص يؤدي عادة إلى إحساس مواكب له من الغثيان أو القئ ونادراً هبوط شديد وإغماء.
والمغص في البطن دائماً يكون علامة على وجود اضطراب عضوي حاد وهو نعمة من نعم الله التي أعطاها للإنسان حتى يحس با
لمرض ويهرع للعلاج ومن الأعضاء الداخلية التي تسبب المغص المفاجئ الحويصلة المرارية وهذه الحويصلة كيس تحت الكبد يجمع المادة الصفراوية في خلايا الكبد المتخصصة في إفراز هذه المادة ويخزن الصفراء حتى يحتاج إليها عند وصول مواد دهنية إلى الاثني عشر والأمعاء الدقيقة وعندما يتقلص الجدار العضلي لهذا الكيس ليخرج ما يحتويه من عصارة صفراوية إلى فراغ الاثني عشر عن طريق القناة الصفراوية فإذا عاق هذا الإفراز عائق عضوي أو التهاب حدث المغص المفاجئ وهو المعروف بالمغص المراري.
وصفه
أهم ما يميز المغص المراري أنه ليس "مغصاً" بالمعنى المعروف ، ونعني بالمغص حدوث تقلصات مؤلمة تزيد وتقل في موجات متكررة ، أما المغص المراري فهو يبدأ فجأة وتتصاعد آلامه بسرعة ويستمر في حدة شبه دائمة لمدة ساعتين إلى أربع ساعات وخلال هذه المدة لا تتغير معالمه ولا تقل شدته ، ومكان الألم عادة إما أعلى البطن من الوسط "فم المعدة بالعامية" أو في جانب البطن العلوي في مكان الكلية والمرارة وهذا هو الأكثر حدوثاً وقد ينتشر الألم إلى خلف الظهر تحت عظم اللوح الأيمن وحول الزاوية السفلية لهذه العظمة بصفة أدق ، والعجيب في الأمر بالنسبة للمغص المراري أنه يفاجئ معظم الأطباء بأنه ليس مغصاً بالمعنى المتداول بل هو أقرب إلى الألم المستمر منه للمغص ، أما الحقيقة الثانية قد تكون مفهومة فهما خطأ في عقول الناس وحتى بعض الأطباء (!!) هي أن حدوث قئ شديد وغثيان ليس أمراً ضرورياً لمصاحبة المغص المراري فالحقيقة أن القئ نادراً ما يحدث وإن حدث فهو ليس بشدة المغص المعدي أو المعوي وقد يكون سبب القئ علاجاً أعطي للمريض لتسكين المغص فالمروفين ومشتقاته وهو أشهر أنواع المسكنات للآلام يسبب غثياناً وقيئاً لبعض الناس وإذا حدث المغص بصفة مؤكدة وصاحبه قئ شديد ومستمر فهو يعني وجود مضاعفات أخرى مصاحبة للحالة المرضية المسببة للمغص في المرارة مثل التهاب البنكرياس الحاد أو خروج حصوة من المرارة وانسدادها في قنوات البنكرياس والقناة الصفراوية حيث يلتقي كلاهما عند فتحة مشتركة في الجزء الثاني من الاثني عشر ، العلامة الثالثة المميزة للمغص المراري هي حدوث اصفرار ولو بسيطاً في بياض العين مع احمرار لون البول نتيجة وجود الصفراء.
مصير المغص
 عادة ينتهي المغص المراري فجأة نتيجة "تزحزح" الحصوة التي سببته عن طريق الإفراز أو نتيجة للعلاج المسكن وقلما يستمر لساعات طويلة أو أيام وإذا حدث ذلك فإن الحالة تكون مركبة لدخول عوامل أخرى في مسارها كالتهاب البنكرياس الحاد كما ذكرنا ، وقد يضعف المغص ولكن لا يزول تماماً وتبقى منطقة أعلى البطن العليا وخلف الظهر مؤلمة بصفة مستمرة ، كما يزيد الإحساس بالألم عند السعال أو عند القيام بمجهود عضلي عنيف أو عند التبرز مع وجود إمساك واستمرار الألم يكون عادة مصحوباً بارتفاع في درجة الحرارة وهذا علامة على وجود التهاب في الحويصلة المرارية أو القنوات الصفراوية.

كيف يتصرف المريض؟
 حتى يتم العلاج يجب على المصاب (أو المصابة غالباً) أن يعمد إلى الراحة التامة ويمتنع عن تناول الأطعمة إلا السوائل وعدم تناول أية مسكنات قد يكون لها آثار ضارة ، كما يجب أن يتجنب الضغط على مكان الألم أو وضع زجاجات ماء ساخنة أو خلافه حتى يتأكد التشخيص ويبدأ العلاج ، وإذا أصيب مريض بالمغص المراري مرة فهو علامة شبه مؤكدة على وجود حصوة أو أكثر بالمرارة ؛ لذلك فالجراحة لإزالة الحويصلة المرارية غالباً ما تكون هي نهاية المطاف وإزالة المرارة تنهي المشكلة تماماً دون آثار جانبية تذكر.